Monday, August 16, 2010

نظريات جديدة في السردية الروائية-جريدة الثورة إبراهيم حسو

نظريات جديدة في السردية الروائية

كتب
الأربعاء 11-8-2010م
إبراهيم حسو

يبدأ الباحث المصري عادل ضرغام في كتابه التحليلي الجديد (في السرد الروائي) بما يشبه لملمة الاتجاهات النقدية الحديثة في الرواية العربية الجديدة ضمن منحى واحد هو مقاربتها بالتوجه الأيديولوجي عبر دراسة روايتين عربيتين هما ( الحب في المنفى ) لبهاء طاهر و( النيل الطعم والرائحة ) لإسماعيل، فهد إسماعيل،

ويأتي هذا المنحى الأيديولوجي كقيمة بحد ذاتها وكفنية تتناول الشكلين الداخلي والخارجي ولكليهما تأثير مباشر على السرد الروائي، وكذلك على السياق البنائي سواء أكان هذا البناء تصاعدياً أم متحولاً، ويبدو أن ثيمة التحول هي التي تقود الرواية العربية إلى هندسة وجودها وتسيطر على تاريخها ومستقبلها ويقصد الباحث بالتحول وجود مركزية الصوت السردي السلطوي التي تهيمن على مسار السرد الروائي وتتحكم بشخصياته وحتى بمجرى أحداثه، وكل ذلك في سبيل مكاشفة القيمة الفكرية والتوجه الأيديولوجي فيها، وتوقف الباحث طويلاً عند هذه النقطة بعد تعريفه لمصطلح (التوجيه السردي) التي يعرفه ( أن مقاربة الرواية أو على توجه قد يكون أكثر منهجية أيديولوجية الرواية، يجب أن ترتبط بمعاينة البناء، والاتكاء على آلية سردية فاعلة، كان لها دور في تغذية القيم الأيديولوجية وتشكيلها”.‏

إلى جانب أكثر أهمية من نظريات التحول والتصاعد يتوجه الباحث في بحث مثير ويدعو التساؤل إلى نظرية ( آلية الوعي ) التي تكشف عن العالم الداخلي للشخصيات وتعبر عن وعيها وثقافتها وتأثيرها ضمن محيطها الاجتماعي والإنساني، ويعيب الباحث هنا على الروائيين العرب الجدد إضمار ثقافة شخصياتهم ومرتبة وعيهم غارقين في الوصف الخارجي والأحداث التفصيلية التي غالباً ما تحمل ثرثرات مجانية لا طعم لها ولا صوت ولكنه في الوقت نفسه يشيد برواية ( النيل الطعم والرائحة ) وبأنها أكثر الروايات التي بنيت على التشكيل التصاعدي أو التراتبي لوعي شخصياتها ويعتبرها رواية المكاشفة بين الروائي والشخصية وبين الحدث وتفصيلاته السردية، ويجعل من تنامي وتحولات شخصياتها إلى الحس المعرفي والقناعات الأيدولوجية التي يحملها الروائي ويؤمن بها كوجهة رأي مفترضة.‏

ويعرج الباحث على المناهج وأساليب السرد الروائي المستجدة التي تنبثق بدورها من تلاقح وتعاطف السرد الروائي في الستينيات مع التقنيات الجديدة القادمة من أوروبا ككتابات الروائيين في أمريكا الجنوبية وتحصين هذه التجارب بطابع محلي يطغى عليها الخاصية الفردانية التي تلخص من خلالها مشكلات الإنسانية بأجمعها، ويرى الناقد المصري عادل ضرغام في بحث آخر عن ضرورة إنشاء مرئيات سردية مبتدعة وتشكيل رؤى مرادفة لها كعمليات تعدد الأصوات وتنوع المظهر والتشديد على لغة الخطاب الروائي ومؤازرته بجماليات اللغة (الشعرية ) أو ما يسمى بجماليات ( القص الشعري ) وفي القسم الأخير من البحث يحاول الباحث مجدداً اقتراض نظريات جديدة من التجارب الروائية العالمية عبر السير الذاتية وظاهرة الروائي (المتحول ) الداخلي والرواية الإشكالية التي تنفي الجنس المنجز ودعوة إلى إلغاء فكرة الجنس الأدبي الواحد ذات الشكل التقليدي المستمر، ويذكر الكثير من التجارب الروائية التي كتبت بقصد اعترافات شخصية أو يوميات دوّنت كتعبير عن مرحلة عمرية تقل فيها الكثير من المغامرات والأسرار والبواطن ويعتبرها الباحث خزينة المفاجآت اللامتوقعة من كتّاب كبار حققوا خلال مسيرتهم الإبداعية روايات لم تستطع الاقتراب من شخصيات رواياتهم مثل ما هم منغمسون في ذواتهم ونزواتهم.‏

يبقى كتاب (في السرد الروائي) من أهم الكتب النقدية التي تلخص مشكلات السرد الروائي العربي، وتبرز أيضا الحلول الجديدة وأساليب أخرى تساهم في اتساق الأنموذج الروائي وإحداث نوع من الانسجام المكثف في نظام بنائه الجديد.‏

(في السرد الروائي ) دراسة - عادل ضرغام - الدار العربية للعلوم وبالتعاون مع منشورات الاختلاف 2010.‏

No comments: